- الأخبار الأثرية
-
حقوق الصورة: Jürgen Heinrich/IMAGO
التنقيب في قلب برلين يكشف جذورها في العصور الوسطى
يعمل علماء الآثار في وسط برلين التاريخي على كشف سجل استثنائي لأصول المدينة في العصور الوسطى، حيث يقع اليوم تحت الشوارع الحديثة للمدينة. فقد أظهرت الحفريات في منطقة مولكنماركت، التي يُعتقد أنها أقدم سوق في برلين، كيف ارتفع مستوى الأرض بنحو أربعة أمتار خلال 800 عام نتيجة تراكم أنقاض الحرائق ومخلفات البناء ونفايات الحياة اليومية.
ويُعد الموقع من أكبر مواقع التنقيب داخل المدن في ألمانيا، إذ يمتد على مساحة تتجاوز 22 ألف متر مربع. ومنذ بدء الأعمال عام 2019، جرى توثيق مئات الآلاف من اللقى الأثرية، كثير منها محفوظ بحالة لافتة. وقد شكّلت المراحيض القديمة والآبار الجافة مصدراً رئيسياً للاكتشافات، حيث ساعدت الظروف الخالية من الأكسجين على حفظ مواد عضوية مثل الخشب والجلود والمنسوجات وبقايا الطعام.
وتلقي بعض المكتشفات الضوء على تفاصيل الحياة اليومية والنظام الغذائي في العصور الوسطى، وذلك من خلال العثور على عظام حيوانات تحمل آثار تقطيع وتدل على ممارسات غذائية محددة. بينما تعكس لقى أخرى جوانب من المعتقدات والمكانة الاجتماعية، مثل الحلي والتماثيل الدينية التي كانت تُستخدم داخل المنازل. بينما تشير قطع مستوردة نادرة إلى وجود شبكات تجارة بعيدة المدى في المراحل المبكرة من تاريخ المدينة.
ومن المقرر أن تستمر أعمال التنقيب لفترة محدودة قبل إعادة تطوير الموقع. حيث تخضع جميع المكتشفات لتوثيق وتحليل علمي دقيق، لتشكّل أرشيفاً متكاملاً عن تاريخ برلين المبكر. واليوم تُعرض العديد من هذه القطع في متحف جديد قريب من موقعها الأصلي، حيث شُيّد فوق بقايا كنيسة ومدرسة تعودان إلى العصور الوسطى.
أما الطابق السفلي من المتحف، فقد أُعيد فيه دفن الرفات البشرية التي عُثر عليها في مقبرة قديمة داخل ما يعرف بصندوق عظام الموتي، طبعاً بعد دراستها علمياً. وتشير نتائج التحليل العظمي إلى أن نشأة برلين قد تكون أقدم مما كان يُعتقد سابقاً، ما يفتح باباً لإعادة النظر في تاريخ تأسيس المدينة.
وعموماً تكشف حفريات مولكنماركت والمتحف الجديد معاً عن فصل غير معروف من تاريخ برلين، فصل لا يرتبط فقط بالأحداث الحديثة، بل بحياة سكانها الأوائل في العصور الوسطى.
تاريخ النشر: 27-12-2025
ترجمة وتحرير: عبد المنعم سماقية
المصدر: Deutsche Welle