الأخبار
اكتشاف مسبحة من القرون الوسطى في بريطانيا
تم اكتشاف أول مثال على الإطلاق على مسبحة الصلاة تعود للعصور الوسطى وذلك في جزيرة ليندسفارن التي تعد واحدة من أقدم المواقع التاريخية في بريطانيا، مما أثار حماسة علماء الآثار.
يعود تاريخ المسبحة المكتشفة إلى الفترة بين القرنين الثامن والتاسع للميلاد، وهي مصنوعة من فقرات سمك السلمون، حيث كانت معقودة حول عنق أحد الهياكل العظمية. ويعتقد العلماء أن هذا الهيكل العظمي ربما كان يعود لأحد الرهبان المدفونين داخل هذا الدير الذي يعود للعصور الوسطى المبكرة، وتجدر الإشارة هنا إلى أن الأسماك عموماً كانت رمزاً مهماً للمسيحية المبكرة.
ويسعى علماء الآثار إلى الكشف عن التاريخ المفقود لجزيرة ليندسفارن، والمعروفة أيضاً باسم الجزيرة المقدسة الواقعة قبالة سواحل نوثرامبرلاند، حيث أسسها ملوك مملكة نورثمبريا في القرن السابع كمركز ديني مهم، ومن ثم أصبحت مسرحاً لأول غارة كبرى للفايكنج على بريطانيا في القرن الثامن الميلادي.
والمعلوم أن الجزيرة تعد المكان الذي كتب الرهبان فيه أناجيل ليندسفارن، وهي المخطوطة الأكثر روعة الباقية على قيد الحياة من إنجلترا الأنجلو سكسونية.
وقد قال الدكتور ديفيد بيتس من جامعة دورهام لصحيفة ديلي تلغراف، وهو المدير المشارك للمشروع والمتخصص في المسيحية المبكرة، إن فقرات الأسماك تبدو وكأنها مسبحة صلاة من أجل العبادة الشخصية، وقال "كثيراً ما نفكر في الجوانب الطقسية والاحتفالية الكبيرة للحياة في الأديرة خلال العصور الوسطى المبكرة ، وكذلك الأعمال العظيمة مثل أناجيل ليندسفارن، لكن ما حصلنا عليه هنا هو شيء يرتبط أكثر بالجوانب الشخصية".
وأشاد الدكتور بيتس بمارينا تشورو جينر، عالمة آثار الحيوان، وذلك لإدراكها أهمية الفقرات حين نظرت إليها وقالت " في الواقع هذه ليست مجرد عظام أسماك، وإنما قد تم تعديلها وتحويلها إلى شيئا ما".
وخلال حديثه حول أهمية الأسماك والبحر بالنسبة لسكان الجزيرة في العصور الوسطى، أشار الدكتور بيتس إلى راهب يُدعى كوثبرت، انضم إلى ليندسفارن في سبعينيات القرن السادس الميلادي وأصبح أهم قديس في شمال إنجلترا في العصور الوسطى، حيث قال "لدينا العديد من قصص السيد المسيح والرسل وهم صيادون يذهبون في بحيرة طبريا ويهدئون العواصف، كما ونرى في السيرة النثرية من نورثمبريا القديس كوثبرت وهو يهدئ العواصف، لذا فإن البحر كان مهماً من الناحية الرمزية ".
وتقدم المسبحة معلومات مهمة تساعد على فهم الكيفية التي عاش بها الناس في الماضي، وكيف قاموا بالتعبير عن معتقداتهم من خلال الأشياء.
ويوحي وضع المسبحة حول العنق بأنها كانت تعتبر مثل قلادة، حيث تم توسيع الفتحة الطبيعية في فقرات السلمون من خلال الخيوط أو من خلال الحك.
يأتي هذا الاكتشاف بعد عمليات التنقيب التي تجريها جامعة دورهام ومؤسسة "DigVentures" في جزيرة ليندسفارن، وهي مؤسسة اجتماعية للآثار يعمل فيها المتطوعون جنباً إلى جنب مع المتخصصين.
ووصفت ليزا وستكوت ويلكنز من مؤسسة "DigVentures" الاكتشاف بأنه رائع قائلة "من الواضح أنه المسبحة كانت على درجة كافية من الأهمية ليتم دفنها مع هذا الشخص. وبما أنها القطعة الأثرية الوحيدة من داخل القبر المكتشف في جزيرة ليندسفارن، فإنها عنصر شديد الأهمية، وهي أول مثال على مسبحة من العصور الوسطى تم العثور عليهافي بريطانيا ".
وأضافت: "نعتقد أن هذه المسبحة كانت تستخدم كأداة شخصية للإيمان، لا سيما بالنظر إلى أن كلمة "bead" التي نستخدمها اليوم تأتي من "gebed" الإنجليزية القديمة، والتي تعني الصلاة".
وبسبب ضخامة موقع الحفريات فإن الفريق سيواصل أعمال التنقيب لمدة أربع سنوات أخرى. وشملت الاكتشافات الأخرى الشواهد الحجرية المنقوشة باللغة الرونية، بالإضافة إلى عملات وخواتم نحاسية.