- الأخبار
-
حقوق الصورة: Christa Koppermann
نقوش خفية تكشف أسرار صانعي الزجاج في روما القديمة
قادت ملاحظة بسيطة إلى كشفٍ أثري مهم في متحف المتروبوليتان بنيويورك، حين قامت الباحثة هالي ميريديث، وهي أستاذة تاريخ الفن في جامعة ولاية واشنطن إضافة إلى كونها ونافخة زجاج متمرّسة، بقلب كأس زجاجي روماني من نوع ديترِتُم، لتجد على ظهره رموزاً مفتوحة الشكل مثل الماس والأوراق والصلبان، إلى جانب نقش يتمنى لصاحبه طول العمر.
كانت هذه الرموز تُعدّ في السابق مجرد زخارف، لكن أبحاث ميريديث تُظهر أنها علامات ورشٍ وصُنّاع، أي أنها بمثابة توقيع جماعي للحرفيين الذين نحتوا هذه الأعمال الفاخرة بين القرنين الرابع والسادس للميلاد.
من خلال مقارنة الزخارف وآثار الأدوات وقطع غير مكتملة، أثبتت ميريديث أن صناعة هذه الأواني لم تكن عملاً فردياً، بل نتاج فِرَق من الحرفيين والمتدرّبين يعملون معاً أسابيع أو شهوراً. وكان كل كأس يبدأ كتلة زجاجية سميكة تُنحت بدقة لتكوين شبكة خارجية خفيفة متصلة بالكأس الداخلية، ما يعد إنجازاً هندسياً وحرفياً مذهلاً.
وترى الباحثة أن هذه العلامات لم تكن توقيعات شخصية، بل “علامة ورشة” تشبه شعار الاستوديو في عصرنا.
خبرة ميريديث العملية في نفخ الزجاج منحتها فهماً عميقاً لعمليات الإنتاج القديمة. وفي دروسها اليوم، تتيح للطلاب تجارب عملية لصناعة نماذج ثلاثية الأبعاد أو تفكيك القطع رقمياً لاكتساب “تعاطف صناعي” مع الحرفيين القدامى.
وسيعيد كتابها القادم “عمّال الحِرَف في روما المتأخّرة” تسليط الضوء على حياة هؤلاء الحرفيين الذين طالما همّشتهم السرديات التاريخية. وهي في نفس الوقت تقوم بتطوير قاعدة بيانات ضخمة لتتبّع النقوش غير المعيارية، مرجّحةً أنها قد تمثّل أدلة على حرفيين متعددي اللغات يعدّلون الكتابة بحسب جمهورهم.
تكشف هذه الأبحاث أن بريق الزجاج الروماني لا يعكس جماله فحسب، بل يضيء أيضاً مهارة الصانعين وتاريخ ورشهم التي ظلّت مخفية قروناً.
تاريخ النشر: 13-11-2025
المصدر: Washington State University